أنصح كل عراقي أن يقرأ هذا الكتاب حتى وإن كره الحقيقة

كتابات - تقديم / ماجد مكي الجميل

الكتاب: "السراب النووي العراقي" IRAQ`S NUCLEAR MIRAGE

الكاتب: د. عماد خدوري، وهو عالم نووي عراقي عمل في وكالة الطاقة الذرية العراقية ثلاثين عاما

دار النشر: (Springhead Publishing/CANADA)

تاريخ النشر 1 أكتوبر 2003

ما مدى اقتراب العراق من الحصول على القنبلة النووية؟ هل جدد العراق برنامجه التسليحي النووي بعد حرب 1991؟ ما مصداقية المزاعم بأن العراق شكّل تهديدا نوويا لأمن الولايات المتحدة؟ من هو العراقي الذي استشهد به الرئيس الأمريكي جورج بوش وبات رأس الحربة في اختلاق ذرائع احتلال العراق بتقديمه معلومات مضللة عن القدرة العسكرية النووية العراقية للاستخبارات الأمريكية؟

كتاب "السراب النووي العراقي IRAQ`S NUCLEAR MIRAGE" الصادر في أكتوبر 2003 باللغة الإنكليزية والمقرر أن يصدر قريبا باللغة العربية، عبارة عن شهادة علمية يقدمها العالم النووي العراقي الدكتور عماد خدوري من منفاه الاختياري في كندا بعد أن عمل في منظمة الطاقة الذرية العراقية لفترة ثلاثين عاما (1968 ـ 1998)… يغطي الكتاب فترة البدايات السلمية للبرنامج النووي العراقي وتطوره التدريجي وتحوله المباغت إلى برنامج تسليحي ومن ثم توقفه واندثاره.

عماد خدوري، الحائز على درجة الماجستير بالفيزياء من جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية والدكتوراه في "تكنولوجيا المفاعلات النووية" من جامعة برمنغهام في بريطانيا، يوضح للقراء بطريقة صافية خلفيته التعليمية وانتمائه للعمل بالبرنامج النووي العراقي وتوليه مختلف المواقع القيادية ومن ثم كيفية فك ذاك الارتباط والفرار من العراق مع عائلته أواخر عام 1998.

لفترة نصف سنة قبل احتلال العراق شهر عماد خدوري قلمه وحده دون معين يخوض معركة إعلامية  في الصحافة والإعلام والإنترنت لمواجهة حملة التضليل (يسميها "أسلحة التضليل الشامل") التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق وقام بتغذيتها عراقيون يقول عنهم "أن الشكوك وعلامات الاستفهام تدور حول مصداقيتهم." إلا أن صوته طمس "وارتفع صوت التضليل الشامل الذي كلّف سيادة العراق واستقلاله ومقتل ما يزيد عن 10 آلاف عراقي."

من بين "النماذج المزيفة في المجال النووي" من العراقيين الفارين المشكوك بمصداقيتهم، يُسمّي الكتاب (خضر حمزة) "كأحد أبرز أدوات التضليل الشامل الذي أدعى زوراً بأنه كان (صانع القنبلة الذرية العراقية)."… يقول عماد خدوري أن خضر حمزة، الذي استشهد به الرئيس جورج بوش (الابن) مرات عدة واتخذ من تصريحاته إحدى ذرائع الهجوم على العراق، كان قد كُلف مطلع عام 1987 بتكوين فريق لتصميم القنبلة الذرية إلا أنه بعد أشهر قليلة جُرد من مسؤولياته وطُرد من المشروع النووي العسكري العراقي وتم تجميده في عمل هامشي بين 1987 و1989… وعندما كان البرنامج النووي العسكري العراقي في أوج تناميه تقاعد حمزة من منظمة الطاقة الذرية العراقية عام 1989 وأصبح مدرساً في كلية أهلية.

هرب خضر حمزة من العراق عام 1994، تاركاً جميع أفراد عائلته وراءه، أملا في الحصول علي لجوء سياسي سريع. إلا أنه أخفق في ذلك بعد أن رفضته وكالات الاستخبارات لمعرفتهم بضآلة دوره في المشروع النووي، فالتجأ إلى ليبيا ليعمل مدرساً في إحدى جامعاتها. غير أنه ما فتئ أن قام من خلال المؤتمر الوطني العراقي المدعوم من قبل وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. أي.) بنشر سلسلة من ثلاث مقالات بداية عام 1995 في جريدة التايمز البريطانية يُشير فيها إلى امتلاكه وثائق تدلّ على قيام العراق إعادة تفعيل برنامجه النووي العسكري وأن العراق بصدد صنع عدة قنابل ذرية في منتصف التسعينات. أرسلت التايمز هذه الوثائق إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من صحتها، لكن ليس قبل أن تنشر هذه المادة كاكتشاف صحفي مهم. غير أن جريدة التايمز لم تنشر ما وجدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تلك الوثائق التي أعتمدها خضر حمزة كانت "غير حقيقية" وملفقة.

وبعد زيارة ابن خضر حمزة لأبيه في ليبيا متوسلاً إليه بالرجوع إلى العراق ليضمن سلامة عائلته، استبدّ به الهلع وارتمى ثانية علي جهات المعارضة والوكالات المخابراتية وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لانتشاله من محنته، إلا أنه لاقى الفتور السابق نفسه.

طرأ تغيّر علي مجرى الأمور بعد هروب حسين كامل، المسؤول عن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقي إلى الأردن عام 1995 وإفصاحه عن مساع بُذلت لإخفاء التقارير والوثائق العلمية المتعلقة بالبرامج، حيث احتضنته وكالة المخابرات الأمريكية كأداة لها في حملتها الإعلامية التضليلية. يقول عماد خدوري: في هذا المناخ انطلق خضر حمزة مُحلقاً في أجواء الادعاءات ناشراً كتابا قدّم فيه نفسه على أنه "أبو القنبلة الذرية العراقية" ومُلقياً تكهنات هوجاء أمام لجان الكونغرس الأمريكي وقنوات التلفزيون الأمريكي عن قرب امتلاك العراق لقنابل ذرية عدة، وليست قنبلة واحدة، خلال سنوات قليلة تُعد على أصابع اليد الواحدة.

 

في كتابه يفنّد عماد خدوري بأسس علمية ادعاءات خضر حمزة التي أدلى بآخرها قبل أسبوع واحد من شن الحرب على العراق… ثم يروي لنا كيف دخل خضر حمزة بغداد متستراً خلف الدبابات الأمريكية كمستشار علمي لحكومة الاحتلال وبراتب شهري مُغرٍ. وكيف أدّت (استشاراته) بعد وصوله إلى بغداد للتنكيل بالعديد من الكادر العلمي والهندسي النووي العراقي وزج بعضه في السجن ومنع منح جوازات السفر للبعض الآخر، وكيف توّجت (استشاراته) مؤخراً في حل منظمة الطاقة الذرية العراقية في آب (أغسطس) 2003.

يتساءل عماد خدوري: ماذا عن ادعاءات خضر حمزة العديدة خلال السنوات السبع الماضية عن قرب امتلاك العراق للسلاح النووي الوشيك الحدوث؟ التي احتلت الصفحات الأوّل لأكبر الصحف الأمريكية والعناوين الرئيسة لنشرات الأخبار. يقول: من دون أي مسوغات لم تتقدم أي صحيفة أو مجلة أو قناة إعلامية أمريكية واحدة وجميعها متواجدة علي أرض العراق المحتل، وهي القنوات التي كانت تتهافت علي تلاوة الويل والثبور من السلاح النووي العراقي، بإجراء أي مقابلة أو أخذ أي تصريح صغير مع خضر حمزة حول مصير مزاعمه المتكررة عن إعادة تفعيل المشروع النووي العسكري وقنابل العراق الوشيكة. ويشير ساخرا يبدو أن وجوده في العراق لم ينفع حتى المفتش (ديفيد كاي) بأي معلومات موثوق بها ليدرجها في تقريره الأخير عن عدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق بعد عام 1991، وبالذات السلاح النووي المزعوم.

يقول بيتر كوينبيرغ، وهو مسؤول سابق في الأمم المتحدة عمل في العراق لمدة أربع سنوات : "هذا أول كتاب يفك خيوط وألغاز أسطورة البرنامج النووي العراقي… أنه عرض أمين كتبه شخص شريف… أنه يقدم أيضا لمحة عن المكائد الخانقة لأجهزة الأمن في العراق… قراءته لازمة لكل من يريد أن يعرف حقيقة البرنامج النووي العراقي."

يتولى عماد خدوري الآن التدريس والعمل في مجال شبكات الحواسيب في تورنتو بكندا وقد أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية معه مقابلة شخصية حول معلوماته عن البرنامج النووي العراقي… كما أجرت معه العشرات من الشبكات التلفزيونية مقابلات مطولة من بينها سي. بي. سي.، وفوكس، وأي. بي. سي.، وأم. أس. أن. بي. سي.، وبي. بي. سي.، وسي. تي. في.، ورويترز.